إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
* عن محمد بن كعب القرظي قال : كان إسلام حمزة
رضي الله عنه حمية ، وكان يخرج من الحرم فيصطاد ، فإذا رجع مر بمجلس قريش
, وكانوا يجلسون عند الصفا والمروة فيمر بهم فيقول : رميت كذا وكذا ،
وصنعت كذا وكذا ، ثم ينطلق إلى منزله فأقبل من رميه ذات يوم ، فلقيته
امرأة فقال : يا أبا عمارة ماذا لقي ابن أخيك من أبي جهل بن هشام شتمه
وتناوله وفعل وفعل فقال : هل رآه أحد ؟ قالت : أي والله لقد رآه ناس ،
فأقبل حتى أنتهى إلى ذلك المجلس عند الصفا والمروة فإذا هم جلوس وأبو جهل
فيهم فاقبل فاتكأ على قوسه وقال : رميت كذا وكذا وفعلت كذا وكذا ، ثم جمع
يديه بالقوس فضرب بها بين أذني أبي جهل فدق سنتها ثم قال : خذها بالقوس
وأخرى بالسيف أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه جاء بالحق من
عند الله قالوا : يا أبا عمارة إنه سب آلهتنا وإن كنت أنت وأنت أفضل منه
ما أقررناك وذلك وما كنت با أبا عمارة فاحشاً .
* قال يونس بن بكير : عن محمد بن إسحاق :
حدثني رجل من أسلم ـ وكان واعية ـأن أبا جهل اعترض رسول الله صلى الله
عليه وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه ونال منه ما يكره من العيب لدينه ، فذكر
ذلك لحمزه بن عبد المطلب ، فأقبل نحوه ، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس
فضربه بها ضربة شحه منها شجه منكره . وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى
حمزة لينصروا أبا جهل منه . وقالوا ما نراك ياحمزة إلاقد صبأت .
قال حمزة . ومن يمنعني وقد أستبان لي منه ما
أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الذي يقول حق . فوالله لا أنزع
، فامنعوني إن كنتم صادقين .
فقال أبو جهل : دعو أبا عمارة فإني والله لقد سببت ابن أخيه سباً قبيحاً .
فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع ، فكفوا عما كانوا يتناولون منه . قال حمزة في ذلك شعراً .
قال ابن إسحاق : ثم رجع حمزه إلى بيته فأتاه الشيطان فقال : أنت سيد قريش اتبعت هذا الصابئ وتركت دين آبائك للموت خير لك مما صنعت .
فأقبل حمزة على نفسه وقال : ما ضعت اللهم إن كان رشداً فاجعل تصديقه في قلبي وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا .
فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان .
حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال : يا ابن أخي إني قد وقعت في أمر ولا أعرف المخرج منه ، وإقامة
مثلي على ما لا أدري ما هو أرشد أم هو غي شديد فحدثني حديثاً ، فقد اشتهيت
يا ابن أخي أن تحدثني .
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ووعظه ، وخوفه وبشره فألقى الله في قلبه الإيمان بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال : أشهد أنك الصادق شهادة الصدق ، فأظهر يا ابن أخي دينك ، فوالله ما أحب أن لي ما أظلته السماء وأني على ديني الأول .
فكان حمزة ممن أعز الله به الدين .
غريب القصة :
ـ شجه : شق جلد رأسه أو وجهه ، ويقال شج رأسه ، وشجه في رأسه أو وجهه .
ـ صبأت : أي أسلمت .
ـ الصابئ : بالياء اللينة ، وكانوا يسمون من أسلم صابيا لأنه يصبو إذا انتقل من شيء إلى شيء ( فتح الباري 7/175/176 ) .
الفوائد والعبرة :
1- الصبر علىالإيذاء في سبيل الدعوة إلى الله .
2- الإيمان حلاوة ولذة لا يساويها شيء .
3- الشيطان عدو الإنسان يحاول أن يغويه بكل سبيل .
4- صاحب العقيدة ثابت وصاحب الرأي شاك وسريع التحول .
5- الانتفاع بالعصبية القبلية لنصرة الدين .